الأسبوع الماضى، قامت الصفحة الرسمية للنادى الأهلى المصرى على موقع «فيسبوك»
للتواصل الاجتماعى، بتهنئة لاعب النادى المعتزل «محمد أبوتريكة» بمناسبة
عيد ميلاده، وهو اللاعب الموضوع اسمه على قائمة الإرهاب، ولكن لم
تصدر ضده أى أحكام قضائية نهائية تدينه بشىء، وهو ما يجعله، تقنيًّا،
مواطنًا بريئًا إلى أن تثبت إدانته.
إدراج اسم شخص على قوائم الإرهاب هو إجراء لا يمثل إدانة فى ذاته،
ولكنه تترتب عليه مجموعة من الإجراءات مثل: الوضع على قوائم المنع
من السفر وترقب الوصول، أو سحب جواز السفر أو إلغائه أو منع إصدار
جواز جديد. وكذلك فقدان شرط حُسن السمعة والسيرة اللازم لتولى
الوظائف والمناصب العامة أو النيابية.
بعيدًا عن أى تفاصيل قانونية من أى نوع، وكى لا نتوه فيها، فإن بعض
المقاربات لقصة «أبوتريكة» قد تكون أكثر تشويقًا من القانون وتأويلاته.
خمس ملاحظات قد تكون مفيدة لبعض النقاش:
1- نمط تلقى الناس يحتاج لدراسة؛ المواطن المصرى عندما يحب شخصًا ما،
فإنه يتعامل معه كونه فوق القوانين وأعلى من الدساتير، (ويتخيلون أن إحراز
هدف رائع يساوى عدم التعرض للمحاكمة والإدانة)، وعندما يكره- المواطن
المصرى- أحدًا ينكر عليه كل حقوقه القانونية وأدواته، التى يمتلك الحق
المطلق فى استخدامها بشكل عادل.
2- حينما تمس القضايا الجنائية شخصيات بشعبية «أبوتريكة»، فمن الأفضل للدولة،
ممثلة فى أذرعها الإعلامية، أن تشرح للناس، وبأكبر قدر من الدقة،
حيثيات قراراتها كى تمنع كثرة الكلام والمحاولات الدائبة لتحليل الموقف دون معلومة،
وهذا من منابع الشائعات.
3- امتلأت وسائل التواصل الاجتماعى بنميمة تربط بين «أبوتريكة» وتنظيم الإخوان الإرهابى، منها ما يفيد بأنه اشترى مولدات كهربائية لاعتصام رابعة. ومنها فيديو قصير قديم من أحد البرامج يُعلن فيه عن تأييده مرشح ومشروع الإخوان، (لا ننسى أن 13 مليون مصرى انتخبوا تنظيم الإخوان الإرهابى)، كما أنه منطقيًّا فإن الاختيارات الانتخابية بشكل عام قد تعبر عن انحيازات وقتية وليس بالضرورة دعمًا أبديًّا وانتماء كليًّا، (وإن كنت شخصيًّا لا أشك فى انتماء «أبوتريكة» الفكرى إلى التنظيم، وليست لدىَّ معلومة عن انضمامه إليه تنظيميًا).
4- لا يجب استخدام «أبوتريكة» حجة للمكايدة بين جماهير الأندية، أو لتصفية حسابات كروية أو انتخابية، لأن هذا يزيد من فتن يزرعها منذ فترة إعلام رياضى غير مؤهَّل، ويحتاج إلى تقويم حقيقى، قبل أن نشاهد كوارث تعيد إلينا الأجواء القاتمة لواقعة بورسعيد المأساوية.
5- تقديرى أن «أبوتريكة» ببساطة انتفخ، ويتعامل من مقاربة كونه زعيمًا شعبيًّا، بينما هو يفتقر أقل أساسيات المحتوى اللازم لإنتاج أى أفكار مثمرة، حتى مستواه فى التحليل الكروى متواضع للغاية، بعكس أدائه فى الملعب الذى كان مبهرًا. والمتأمل لأبسط إشارات لغة جسده، مثل طريقة جلوسه، سيجد أننا أمام شخص يخاطبنا من فوق منصة عالية، ليقدم لنا دروسًا فى الحياة، مع أداء لا يخلو من مظهرية شديدة، ومبالغة فى ردود الأفعال، وخلط الرياضة بأى شىء، لتخرج لنا خلطة ادّعاء شديد خالٍ من أى محتوى مفيد. لكن كل ما سبق لا يمنع حق الناس فى أمرين: أولهما معرفة الحقيقة بدقة كى لا نتوه وسط شائعات متبادلة، وثانيهما حق «أبوتريكة» فى أن يفعل ما يريد وحقنا نحن فى أن نحلل وننقد كما نشاء.
نقلاً عن جريدة المصري اليوم